news-details

"الناتو" مسبب حرْب وليس راعي سلْم

تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال كلمة ألقاها في افتتاح منتدى "الحرية والسلام" الذي عُقد قبل فترة وجيزة في مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله بحضور رئيس " برلمان السلام الاسرائيلي"، ران كوهين، ورئيس منتدى مؤسسات ما يُدعى السلام في اسرائيل يوفان رحاميم وعدد من القيادات الدينية اليهودية ، أثارت العديد من التساؤلات عن فحوى ومدلولات هذه التصريحات، والتي تنبع من غياب استراتيجية فلسطينية في ظل الانقسام البغيض الذي ما زال يضرّ بشدة بالقضية الفلسطينية، كقضية مركزية للصراع العربي والفلسطيني في مواجهة السياسة العدوانية الاسرائيلية.

وهنا لا بد من التطرق الى بعض هذه التصريحات وخطورتها في ازدواجية الخطاب الرسمي الفلسطيني في مواجهة هذه المرحلة العصيبة، بكونه خطابًا يفتقد لطرح استراتيجية نضالية تنبع من التفاف كل أطياف المجتمع الفلسطيني خلفها، وفي مركزها الحراك الشعبي الى جانب الدبلوماسية، لايجاد وفرض أجندة تعيد قضية فلسطين الى واجهة المجتمع الدولي كقضية أساسية مركزية لإنهاء الصراع الدائر، وانهاء آخر احتلال عسكري في العالم، والعمل على حثّ تحرك دولي  ضاغط وليس من باب رفع العتب، من أجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي العدواني الغاشم.

يقول عباس: "الدعاية والبروباغندا تقول ان ابو مازن يريد أن يعيد الى اسرائيل خمسة ملايين لاجئ ليدمر دولة اسرائيل. لم يحصل هذا الكلام اطلاقًا، ولا نسعى ولا نعمل عل ان نغرق اسرائيل بالملايين لنغير تركيبتها الاجتماعية، هذا كلام هراء".

هل هذا تصريح يُعطي في مدلوله امكانية للحديث عن تغيير في موقف السلطة في قضية اللاجئين، والذي لم يطرح المجتمع الدولي مثله، حيث ان قرارات المجتمع الدولي في قضية اللاجئين تنص على الحق في العودة؟! هل هذا التصريح يدل على تنازل أو "احتمال تنازل" واضح وعلني عن عودة اللاجئين، رغم ان الموقف الموحد للشعب الفلسطيني في هذه القضية انه "لا عودة عن حق العودة"  ناهيك عن أن هذا الحق هو حق فردي لكل لاجئ فلسطيني ولا يحق لأحد أن يتنازل باسمه ويدعوه الى ان يبدي ولو مرونة في حقه بالعودة الى أرض الآباء والأجداد.

ويتابع عباس: "ان اسرائيل خائفة من المستقبل وخائفة من التطرف والارهاب... فلنأت بطرف ثالث.. ان يأتوا الى ارضنا ليحموا الامن لنا ولاسرائيل... وطلبنا (هذا) من الناتو"!

وهنا لا بد من تساؤل: من هو المتطرف والمحتل والذي ينتهك يوميا ابسط الحقوق لشعبنا؟ وما معنى دعوة الناتو المتسبب بالويلات في المنطقة والمسؤول عن القتل والتدمير وتشجيع الارهاب المنظم في الدول المعادية للامبريالية والأمثلة عديدة؟ ماذا فعل الناتو بالعراق وليبيا واليمن وسوريا؟ من شجع وأوجد الارهاب من عصابات داعش والنصرة وغيرها؟ أم انك يا حضرة الرئيس ما زلت تأمل ان تبني سلاما تحت رعاية رئيس الارهاب العالمي في البيت الابيض الامريكي؟

ويتابع عباس: "إنني أريد أن ألتقي مع جيل الشباب في اسرائيل، الجيل الذي نعمل في هذه الايام من أجل مستقبله، من أجل أن يعيش في أمن واستقرار في هذه المنطقة وفي هذا العالم".

الواجب أن يُقال بوضوح للشباب والكبار في اسرائيل: إن غياب الأمن والاستقرار سببه "أمن" الاحتلال الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية من خلال عربدات المستوطنين بحماية "الشباب" جنود الاحتلال. سببه "أمن" هدم البيوت وتدمير المؤسسات الفلسطينية والاعتقالات اليومية، وقطع اواصر التواصل بين الشعب الواحد من خلال عشرات الحواجز الاحتلالية المنشورة في مختلف قرى ومدن الضفة. سببه "أمن" الاقتحامات اليومية والعربدة الاحتلالية ومستوطنيه في الخليل و "أمن" الحصار الغاشم والخانق على شعبنا في قطاع غزة المحاصر.

هذا الحال يذكرني بخطاب الرئيس التاريخي للشعب الفلسطيني ياسر عرفات في الأمم المتحدة، متوجهًا الى العالم برؤيته واستراجيته الصائبة والنابعة من قوة الموقف وقوة الحق، معتمدًا على الالتفاف الشعبي الكبير حوله، حين طرح معادلة السلام والمقاومة امام المجتمع الدولي موجهًا خطابه "... لا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي.."بينما في يده الاخرى كان خيار المقاومة، وهكذا استطاع فرض القضية الفلسطينية كقضية تحرّر بقوة أمام المجتمع الدولي.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب